الخميس، 26 يونيو 2014

الخلل السكاني.. مرة أخرى


الخلل السكاني.. مرة أخرى

2012-11-21

 

محمد الخليفي

إن الخلل السكاني الذي تراكم عقوداً وأصبح المواطنون نتيجة له أقل أقلية في مجتمعهم، يجد من يزعم بأنه خلل مؤقت!! وأن هذه الأعداد من العمالة الوافدة هي عمالة سوف تغادر بعد الانتهاء من الأعمال التي قدمت لإنجازها. ويسوغ بعض آخر تفاقم الخلل السكاني بزعم أن النمو الاقتصادي والحاجة إلى تطوير الدولة وبناء المجتمع لا يمكن أن يتم دون هذه الزيادة السكانية.
 


والحق أن الزعم بأن الخلل السكاني هو خلل مؤقت، زعم ينقضه الواقع وتكذبه الخبرة الطويلة مع الخلل السكاني الممتد عقوداً من الزمن. فالخلل السكاني ليس وليد السنوات الأخيرة، وإن كان تفاقم في هذه السنوات. والرقم 1.757.540 نسمة المسجل في (31 أكتوبر 2012) لم يكن كذلك في عام 1970 (111 ألف نسمة)، ولا عام 1986 (369 ألف نسمة)، ولا عام 1997 (522 ألف نسمة)، ولا عام 2004 (744 ألف نسمة).

إن هذه الزيادة المتضاعفة هي نتيجة استقدام العمالة من الخارج. وكان يمكن أن يقال في كل تلك السنوات إنها عمالة مؤقتة وستعود بعد إنجاز أعمالها!! وهذا ما لم يحدث!! ولا نرى أي دليل على أنها ستتوقف وتنخفض.

كذلك أيضاً فإن الزعم بأنه ما كان يمكن بناء دولة قطر مجتمعاً واقتصاداً ومؤسسات من دون هذه الزيادة السكانية التي تتضمن خبرات ووظائف وعمالاً وخدمات وغيرها، هو زعم لا يقوم على دليل.

فهذا التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2010 يبين أن حجم قوة العمل غير القطرية يبلغ 1.199.107 منهم 1.070.973 ذكور و128.134 إناث. يعمل من هؤلاء في قطاع التشييد 505.721، منهم 503.113 ذكور و2.608 إناث. أي إنهم يشكلون %42.2 من حجم قوة العمل. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل توجد حاجة حقيقية لهذا الحجم من العاملين في قطاع التشييد؟

وجوابنا هو أن المشاريع السكنية الضخمة الحجم هي في الواقع لا تعبر عن حاجات حقيقية للسكن بقدر ما تعبر عن مصالح فردية. وكذلك الأمر في بعض المشاريع العامة، وبالتالي فإن العمالة التي جلبت لتشيدها هي في الواقع عمالة لا حاجة لها. ليس هذا فحسب، بل تكشف الإحصاءات عن أن عدد الوحدات السكنية المغلقة والخالية يصل إلى 48.111 وحدة، أي %18.6 من مجموع عدد الوحدات السكنية!

ولا يقف الأمر عند العاملين في قطاع الإنشاءات. بل كذلك أيضاً تكشف الإحصاءات أن العاملين في قطاع البيع والخدمات الأخرى تفوق نسبتهم %20 من حجم قوة العمل. وهي عمالة وافدة.

خلاصة القول هو أن عدد السكان الحالي زائد عن الحاجة. فنسبة كبيرة من العمالة قد جلبت لتنفيذ مشاريع لا تعبر عن حاجة حقيقية للمجتمع، وأن معظم العمالة -منظوراً إليها من زاوية مستواها التعليمي- لا يمكن أن تشكل إضافة للمجتمع، ولا أن تكون ضمن ما يمكن أن يستهدفه المجتمع من العمالة الوافدة. وأن زيادتها لا يحكمها استراتيجية سكانية تعبر عن حاجة المجتمع إلى القوى العاملة، بل تخضع لمصالح فردية، وتنظمها إجراءات وآليات غير معنية بموضوع الخلل السكاني.

وما ينبغي أن نلاحظه وننتبه إليه هو أن عدداً كبيراً من قوة العمل هو في الواقع لخدمة قوة العمل الوافدة!! فكل عمالة جديدة تدخل البلد في حاجة إلى قوة عمل أخرى تخدمها!! وهكذا دواليك، وهي لا يمكن أن تتوقف إلا بإرادة سياسية تقرر إيقافها، فهل توجد مثل هذه الإرادة؟!

 


 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق