الخميس، 26 يونيو 2014

الفساد


الفساد

2012-05-30

 

محمد الخليفي

 لقد أودى حريق في مجمع فيلاجيو التجاري أمس الأول، بأرواح عديدة. معظمها أرواح أطفال في عمر البراعم، والمأساة أن الموت قد حاصرهم في مكان يفترض فيه أن يكون مصدر حياة. في حضانة الأطفال. حضانة من حضن، وهو المكان الذي يرتبط في أذهاننا بحضن الأم، حيث الدفء والحنان والمحبة والحماية من كل خطر. حضانة الأطفال انقلبت في طرفة عين إلى جهنم لم يعرف الأطفال الصغار ولا من يعتني بهم من مربيات سبيلاً للفرار من لهيبها الذي يحاصرهم من كل مكان، ولا ملجأ من دخانها الذي باغتهم، فكتم أنفاسهم، فسقطوا صرعى الواحد تلو الآخر.


إن الأرواح التي زُهقت هي نتيجة فساد خطير؛ فمن أجر ومن استأجر ومن رخص شركاء في هذا الفعل الفاسد. هو فعل فاسد ضار. فالفساد ليس هو كما يقول التعريف المتداول: استعمال الوظيفة العامة من أجل مصلحة خاصة، بل كما سبق أن حللت هذا المفهوم في مقال سابق، (إن العنصر المشترك بين كل ما هو فاسد، هو أنه (الفاسد) لا يؤدي وظيفته التي يُستخدم من أجلها).

فالمبنى الذي لا يلتزم بمواصفات الأمن والسلامة هو مبنى فاسد، إنه عكس المبنى الصالح. ولكل مبنى شروط ومواصفات، فالمختبر له مبنى خاص، غير مبنى المطعم، غير مبنى السكن.. غير مبنى حضانة للأطفال..إلخ، إن المبنى الذي تسبب في هذه الفاجعة هو -بحسب كل من وصفه– خارج إطار المباني الصالحة للاستعمال الذي استعمل من أجله، إنه مبنى فاسد.

وإذا كان الفساد ناتجاً -كما يقال- عن جشع نفس لا تشبع، فإن الجشع لا يردع بمحض التربية بل لا بد من فعل رادع مساوٍ لما سبب من فساد.


 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق