الخميس، 26 يونيو 2014

زيادة الرواتب زيادة الاسعار


زيادة الرواتب.. زيادة الأسعار

2011-09-21

 

محمد الخليفي

 منذ زيادة رواتب موظفي الحكومة، ارتفعت أصوات كثيرة تحذر من أن ترتفع أسعار السلع، فيأكل التجار الزيادة وليس الموظفون!! فنادى البعض بتشديد إجراءات المراقبة وضبط السوق!! وبعض آخر ناشد التجار بعدم المغالاة في رفع الأسعار!! ومن جهتها قالت وزارة الأعمال والتجارة إنها ستكثف العمل حيال مكافحة زيادة أسعار السلع والخدمات بصورة غير مبررة!!

وكل ذلك كلام ليس له علاقة بالاقتصاد، فالمعروف أن أثمان السلع في السوق تتحدد بحسب (قانون العرض والطلب) في ظل منافسة حرة. فالسلعة (س) يرتفع ثمنها في السوق إذا زاد الطلب عليها على المعروض منها. وينخفض إذا زاد المعروض منها على الطلب عليها. وهذا أمر يلاحظه الأفراد في حياتهم الاقتصادية.

وزيادة الطلب تأتي أساساً من زيادة القدرة الشرائية لدى الأفراد، ومصدر هذه (القدرة الشرائية)، هو ما لدى الأفراد من نقود، وزيادة الرواتب (أي زيادة النقود لدى الأفراد) ستؤدي إلى زيادة قدرتهم الشرائية. فإذا تبع ذلك زيادة طلبهم، على المعروض من السلع فلا بد أن تؤدي إلى زيادة الأسعار، لا حلية لهم في ذلك.

إذن ما الحل لكبح الزيادة في الأسعار؟

أحد الحلول -وهو ما ينادي به معظم من تحدث عن ارتفاع الأسعار- هو تدخل الحكومة في تحديد أسعار السلع. وتدخل الحكومة في الحياة الاقتصادية أمر معروف وممارس، رغم الحديث عن عظمة الرأسمالية!! مثال ذلك عندنا تحديد الحكومة لسلع مثل مشتقات النفط، وتحديدها في شهر رمضان الماضي الحد الأقصى لسعر بعض السلع. وكذلك عندما حددت الحد الأقصى لسعر المشروبات الغازية وغيرها. وقد أتاح المشرع للحكومة مثل هذا التدخل لتحديد أسعار السلع، من خلال القانون رقم (12) لسنة 1972 بشأن التسعير الجبري وتحديد الأرباح. فهذا القانون يجيز للوزير المختص «أن يعين بقرار منه الحد الأقصى لما يأتي:

1- أسعار السلع التي تصنع محليا أو تستورد من الخارج.

2- الربح الذي يرخص به لأصحاب المصانع والمستوردين وتجار التجزئة، وذلك بنسبة لأية سلعة تصنع محليا أو تستورد من الخارج، إذا رأى أنها تباع بأرباح تجاوز الحد المألوف.

3- أسعار بيع الوجبات والمأكولات والمرطبات في المقاهي والمطاعم والفنادق والبوفيهات وغيرها من المحال العمومية المعدة لبيع الوجبات والمأكولات والمرطبات.

4- أجور الغرف في الفنادق وما يماثلها من الأماكن المعدة لإيواء الجمهور.

5- أجور وأسعار الخدمات والأعمال التي يقدمها الحرفيون ومن في حكمهم. المادة (1).

ووفقاً للقانون تملك الحكومة الأداة القانونية التي تسمح لها بتحديد الأسعار، لكننا في الواقع لا نعرف إن كانت الوزارة المناط بها تطبيق هذا القانون قد قامت بتحديد أسعار السلع المختلفة أم لا، لأن تحديد الأسعار هو الذي يُمَكِّن من مراقبة الأسعار التي ينادي بها المواطنون. وهذا يقتضي أن تكون أسعار السلع معروفة من مصدر آخر غير الرفوف التي تعرض عليها المتاجر سلعها، وإلا كيف يعرف المواطن أن سلعة ما زاد سعرها بصورة مخالفة للقانون أم غير مخالفة! الذي نعرفه أنه ليس من مهام إدارة حماية المستهلك -التي يطالب المواطنون بتدخلها- تحديد الأسعار، وإنما «إعداد الدراسات الخاصة بأسعار السلع والمواد والخدمات، بهدف تحليل أسباب تغيراتها، واقتراح وسائل لتصحيحها، واقتراح آليات لمنع رفع الأسعار غير المبررة، وتقديم التقارير اللازمة في هذا الصدد».

وما ينبغي أن نلاحظه هو أن مثل هذا الإجراء (تدخل الحكومة) يؤدي إلى سوق سوداء إذا كان المعروض من السلع أقل من الطلب. إضافة إلى أنه يؤدي إلى الدخول في متاهات تلاعب وتزوير التجار لفواتير شراء السلع وغير ذلك مما يدخل في التكلفة. وقد ينتهي الأمر بالحكومة إلى أن تحل محل التجار!!

لكن ليس بالضرورة أن تؤدي الزيادة في الرواتب (أي زيادة القدرة الشرائية) إلى زيادة في الأسعار، وذلك في حالة ما اتجه الأفراد إلى تغيير سلوكهم الاقتصادي من الاستهلاك إلى الادخار والاستثمار!! والحق أني لا أعرف معرفة العالم كيف يمكن تغيير سلوك الأفراد الاقتصادي، بحيث يكونون أقل استهلاكاً وأكثر ادخاراً واستثماراً. الذي أعرفه هو أن لا نبسط أيدينا كل البسط، ونتيجة ذلك لن يجد من رفع سعر سلعته من يشتريها فيضطر لخفض سعرها، أم أنكم تعتقدون أن التنزيلات والعروض المختلفة التي يقوم بها التجار هي حب فيكم!

 


 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق