الخميس، 26 يونيو 2014

إدارة الإحصاء دون مستوى الأهداف


إدارة الإحصاء دون مستوى الأهداف

2013-01-30

 

محمد الخليفي

 عندما أكدت في مقال سابق على رداءة إدارة جهاز الإحصاء وتخلفها عن الأهداف التي وضعتها لنفسها!! وأن جهاز الإحصاء لن يؤدي دوره المنشود في ظل إدارة متخلفة!! فإني كنت أصف حال الجهاز على الأقل فيما حاولت أن أبحث عنه. واليوم أؤكد على القول ذاته، ولكن ليس بالنظر في ما لم ينشره جهاز الإحصاء، وإنما في الإحصاءات التي يقدمها المجلس الأعلى للتعليم.
 


تصف مديرة هيئة التقييم بالمجلس الأعلى للتعليم في تقديمها لآخر تقرير «التعليم في قطر رؤية إحصائية للعام الدراسي 2010 – 2011» هذا الإصدار بأنه «إضافة سنوية متجددة تقدم رؤية موضوعية لواقع التعليم في دولة قطر لما يتضمنه من تفاصيل دقيقة لكافة ما يخص العملية التعليمية وكافة قطاعاتها»، وبأنه يقدم «معلومات مفيدة» و «صورة أوضح» و «بيانات شاملة» عن التعليم في قطر. وتؤكد على أن [الهدف من] هذه الخلاصة الإحصائية الوافية [هو] تقديم مجموعة من المعلومات الموجزة للتربويين والمهتمين بالتعليم في دولة قطر».

والتقرير مقسم إلى عناوين مثل: (المدارس - مديرو المدارس - المعلمون - الطلبة - أولياء الأمور... إلخ)، وهو يعرض معلوماته في 266 جدولاً و98 شكلاً. وتشتمل المعلومات التي يقدمها على حقائق، واتجاهات، ووجهات نظر.

ولسنا بصدد عرض محتويات التقرير، فهو منشور على موقع المجلس!! بل إن نبين أنه ليس كما تصفه مقدمته، بأنه (شامل) و (دقيق) و (واضح). فأول جدول فيه يخبرك بأن عدد المدارس المستقلة على سبيل المثال 170 مدرسة، لكنك لن تعرف من هذا الجدول أعداد المدارس المستقلة لا حسب المرحلة (ابتدائي - إعدادي - ثانوي) ولا حسب الجنس (بنين - بنات). وهذه متغيرات أساسية لا يمكن أن تغيب من أي إحصائية تصف نفسها بأنها شاملة ودقيقة وواضحة!!

ولو انتقلنا إلى جدول آخر عن مديري المدارس في المدارس المستقلة فسوف تعرف أن 38% من مديري المدارس هم من الذكور و62% من الإناث. أما كم عددهم؟ وما هي جنسياتهم؟ وفي أي مرحلة؟ فهذا لا يقدمه لك الجدول!! وعليك أن تبحث عنه بنفسك في جدول آخر إن وُجد!!

وهي إحصائيات غير مفيدة!! فلا رابط بين متغيراتها. خذ مثلاً الإحصائية التالية: عندما يقدم لك التقرير جدولاً عن المعلمين في المدارس المستقلة فيقول لك إن نسبة الذكور 28%، ونسبة الإناث 72%، ثم يأتي في جدول آخر ويخبرك بأن نسبة القطريين 33%، ونسبة العرب 64%، وغير العرب 3%. فهل تستطيع أن تعرف كم نسبة الذكور من القطريين أو نسبة القطريين من الذكور؟!!

ويمكنني الاسترسال في ضرب الأمثلة التي تدل على أن مثل هذا التقرير غير مفيد وغير واضح وغير دقيق وغير شامل!! ولا يخدم الهدف الذي ينشده التقرير. وأضيف إلى ذلك أنني لأول مرة أقرأ تقريراً إحصائياً كل معلوماته -عدا الجدول الأول- نسب دون أعداد!!

وبعد قد يتساءل القارئ: ما علاقة جهاز الإحصاء بتقرير إحصائي أصدره المجلس الأعلى للتعليم؟؟!! والجواب أنه لو كان هناك جهاز إحصاء يقوم بمسؤولياته لما صدر مثل هذا التقرير عن المجلس. إن جوابي هذا ليس محض رأي قابل للأخذ والرد!! بل هو قانون واجب التنفيذ!! فجهاز الإحصاء هو المسؤول عن (إقامة نظام إحصائي للدولة، ووضع الخطط والبرامج اللازمة للقيام بالعمليات الإحصائية الرسمية وتنظيمها والإشراف عليها) وقد وضع له القانون ثلاثة عشر اختصاصاً من أجل تحقيق ذلك. نذكر منها: «استخدام التوصيات، وإعداد التصانيف الاقتصادية والاجتماعية، وفقاً للمناهج والمفاهيم والمصطلحات المعمول بها دولياً» و «اعتماد البيانات الإحصائية والمعلومات التي يمكن تداولها مع المحافظة على أمن المعلومات» و «توحيد المعايير والمفاهيم الإحصائية».

ونضيف إلى ذلك أن القانون قد حدد الوحدات الإدارية التي يتكون منها جهاز الإحصاء ووضع لكل إدارة عدداً من الاختصاصات. من تلك الوحدات الإدارية (إدارة الإحصاءات السكانية والاجتماعية) والتي تختص بما يلي: «إجراء الدراسات السكانية والاجتماعية، وتحليل المعلومات والبيانات الواردة، وجمعها وتوثيقها» و «إعداد المؤشرات الإحصائية في الجوانب السكانية، والعمالة، والتعليم، والثقافة...» و «القيام بعملية النشر الواسع لمخرجات البيانات السكانية والاجتماعية» و «التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لضمان تكامل جميع المدخلات الإحصائية اللازمة لإنجاز رؤية تحليلية كاملة لكل موضوع، وإنتاج البيانات الإحصائية التي تلبي طلبات المستخدمين» و «تحديد نطاق عملية جمع وإنتاج البيانات وتصاميم التقارير والمنشورات التحليلية بالتعاون مع الوحدات الإدارية المعنية».

وهكذا فالمجلس الأعلى للتعليم، وغيره من مؤسسات ووزارات، لا ينتج إحصاءات وفق اجتهاده بل وفق مواصفات يحددها جهاز الإحصاء، استناداً إلى معايير دولية ووفق احتياجات المستخدمين للبيانات الإحصائية.

وأختم بالقول: إن العبرة ليست في إصدار القوانين فقط، بل في من ينفذها، فالمنفذ هو الذي يحول القانون من أفكار على الورق إلى حقائق على الأرض. ولكي يتحقق ذلك لا بد أن يكون في مستوى الكفاءة المهنية والإدارية لما يهدف إليه القانون من مصالح عامة، وهذا للأسف الشديد غير متوفر في إدارة جهاز الإحصاء


 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق