الخميس، 26 يونيو 2014

الكتاب المدرسي


الكتاب المدرسي

2011-06-29

 

محمد الخليفي

 خمس سنوات تقريباً انقضت منذ الحفل الذي أقامه المجلس الأعلى للتعليم للتعريف بمعايير المناهج الوطنية لدولة قطر. ورغم ذلك ما زال الكثير من المواطنين لا يفرقون بين الكتاب المدرسي والمنهج. والمتابع لما يكتب وما يقال سوف يقرأ أو يسمع عبارات مثل: (المَدْرسة ما عندها منهج) (المنهج قصاصات أوراق) (المنهج مأخوذ من الإنترنت) (كيف تضع معلمة المنهج) إلخ. وهم يعنون بالمنهج (الكتاب المدرسي).

لذا رأيت أنه من المفيد أولاً أن أوضح للقارئ غير المختص المقصود بالمنهج، وثانياً أن أبين مصدر الخلل. ودون الدخول في التعريفات المختلفة التي تزخر بها كتب التربية للمنهج فإنني أستطيع القول إن المنهج المدرسي لا يساوي الكتاب المدرسي، فهو مفهوم أوسع من الكتاب. فهذا الأخير (الكتاب المدرسي) هو أحد عناصر المنهج. أما المنهج فيشمل مصادر التعلم المختلفة مثل الكتب والتجارب المختبرية والأفلام والمواقع الإلكترونية والمتاحف وحدائق النبات والحيوان والمجلات والصحف والموسوعات.. وغيرها، وأنشطة التعليم التي يقوم بها المدرس، وأنشطة التعلم التي يقوم بها الطالب، وهي أنشطة تتم داخل الفصل وخارجه، وبعضها داخل سور المدرسة وبعضها خارجه. وما يسبق ذلك من تقويم تشخيصي، وما يسير معه من تقويم بنائي.. إلخ.

والأنشطة التي يقوم بها المتعلم (الطالب) تتنوع وتتعدد بحسب طبيعة النشاط والهدف منه، فالنشاط الذي يتطلبه تمكين الطالب من التعبير الشفوي، غير ذلك الذي يتطلبه تمكنه من التعبير الكتابي، وهذان يختلفان عن النشاط الذي يتطلبه إتقان مهارة رياضة كرة القدم، وهذه تختلف عن الأنشطة التي يتطلبها تمكين الطالب من قيادة فريق أو العمل ضمن فريق إلخ. وكل ذلك وغيره يختلف عن أنشطة التعليم التي يقوم بها المعلم من إعداد وتحضير وإدارة لتعلم التلاميذ ومتابعة وتقويم للأنشطة التي يقوم بها.. إلخ

إذن المنهج هو كل ما تقوم به المدرسة وتوفره لتنتقل بالمتعلم من مستوى تَعَلُّمي إلى مستوى آخر يحقق به نمواً عقلياً وجسمياً وعاطفياً واجتماعياً. والكتاب المدرسي هو أحد العناصر التي توفرها المدرسة لتحقيق ذلك النمو.

هذا عن المقصود بالمنهج، أما عن مصدر ذلك الاضطراب والخلل في توفير مصادر تعلم فأقول: لقد كانت الوزارة في السابق هي المسؤولة عن توفير الكتاب المدرسي. في ذلك الحين لم تكن الشكوى من وجود أو عدم وجود الكتاب المدرسي بل بسبب حجمه، أو جودته!! فكانت الشكوى: (المنهج طويل) (المنهج رديء) وقد قامت الوزارة آنذاك بتحسين شكله وباختصار محتواه إلى أن أصبح مسخاً!!

عندما انتقلنا من النظام المركزي إلى نظام المدارس المستقلة، وهو نظام يجعل المدرسة مسؤولة عن كل شيء كانت تقوم به الوزارة، ومنه توفير مصادر التعلم وأحدها الكتاب المدرسي، فإن مدارسنا المستقلة لم تتمكن من توفير ذلك، خصوصاً الكتب المدرسية العربية، لأنها غير موجودة أو قليلة جداً، ولا تتناسب مع معايير المناهج. لذلك لجأت المدارس إلى الأوراق المطبوعة والمعدة من قبل المعلمين، وهي بدون شك أوراق لا ترقى إلى جودة الكتب المدرسية ومصادر التعلم الأخرى التي تعدها دور نشر ومؤسسات متخصصة.

إن الإلحاح على ضرورة وجود (كتاب مدرسي) لدى الطالب هو نتيجة إرث تعليمي طويل، إرث متعلق بالطريقة والوسيلة. فطريقتنا في التعليم والتعلم تعتمد بصورة أساسية على الاهتمام بالجانب المعرفي (حقائق ومفاهيم ومصطلحات ونظريات)، ومخزن المعرفة هو الكتاب. لذلك عندما لا يجد أولياء الأمور كتباً في حقائب أبنائهم فإنهم يقلقون بدون شك. وهو قلق مشروع.

وإذ نقدّر ما يقوم به مكتب المعايير في هيئة التعليم من اجتهاد في تحديد بعض المصادر (كتب ومواقع إلكترونية) التي يمكن أن تأخذ بها المدارس، إلا أنه يظل عملاً محدوداً، فهي في مادتي العلوم والرياضيات مصادر إنجليزية، والطالب في الصفوف الأولى ما زال يتعلم اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة ثانية، إضافة إلى أن بعض المعلمات غير مؤهلات للتدريس باللغة الإنجليزية. وهي في المواد الأخرى تعتمد على مصادر من إعداد وزارة التربية والتعليم أو من إعداد بعض المدارس. وهي مصادر محدودة جداً، إضافة إلى كونها دون المستوى المطلوب.

المشكلة التي وقع فيها المجلس الأعلى للتعليم هو أنه انتقل من طريق إلى آخر مختلف لم يوفر له الوسائل الصالحة التي توصل إلى غايته. لذلك على المجلس أن يوفر مصادر للتعلم عن طريق الترجمة والإعداد، ولا يكتفي بالقول: يؤكد المجلس الأعلى للتعليم وجوب استلام الطالب كتاباً دراسياً من المدرسة لكل مادة.


 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق