الخميس، 26 يونيو 2014

جواز السفر أو البطاقة الشخصية


جواز السفر أو البطاقة الشخصية

2011-11-02

 

محمد الخليفي

 يتضمن قانون الجنسية رقم 38 لسنة 2005 مادة غريبة هي المادة رقم (22) والتي تقول: «لا يعد جواز السفر أو البطاقة الشخصية دليلاً على التمتع بالجنسية القطرية، ويتعين عند المنازعة إثبات توفر أركان وشروط هذه الجنسية بوسائل الإثبات المقبولة قانوناً».

وجه الغرابة فيها مركب فهي من جانب لا تعترف بوثائق رسمية، مؤكد فيها جنسية حاملها، بأنها دليل على تمتع حاملها بالجنسية القطرية (البطاقة الشخصية). وهي من جانب آخر لا تحدد ما ينبغي على (المواطن) أن يقدمه للجهات المختصة لإثبات جنسيته القطرية بل تكتفي بالقول: «يتعين عند المنازعة إثبات توفر أركان وشروط هذه الجنسية بوسائل الإثبات المقبولة قانوناً». وهذا كلام فارغ من المعنى!! والكلام الفارغ من المعنى هو الذي لا يوجد في دنيا الواقع ما يمثله ويدل عليه. هو كلام لا يؤشر بإصبعه: هذه هي وسيلة الإثبات المقبولة قانوناً!! إنه مجرد كلام مصفوف. فما هي «أركان وشروط الجنسية»؟! وما «وسائل الإثبات المقبولة قانوناً» في هذه الحالة؟!

كلنا يعلم أنه حينما تطلب جهة ما من أحدنا أن يقدم لها ما يثبت جنسيته، فإنه يخرج بطاقته الشخصية المكتوب في إحدى خاناتها (الجنسية: قطري). ولم يحدث قط أن أنكرت أية جهة على أحد هذا التصرف لإثبات الجنسية. والسبب في ذلك أنه لا توجد وسائل إثبات مقبولة قانوناً غيرها!!

إذا كان الأمر كذلك، فلماذا وضع المشرع مثل هذه العبارة التي لا مثيل لها في أي قانون في العالم! وجوابي الذي أظنه هو أن السلطة التنفيذية لم تلتزم بنص قانون الجنسية، منذ أن وُضع أول قانون ينظم الجنسية (القانون رقم 2 لسنة 1961)، بل كانت تتجاوز القانون حسبما يراه صاحب القرار أن التجنيس يحقق مصلحة ما هو يراها!! وعندما أصبح التجنيس لا يخضع للقانون، بل أصبح كل متنفذ يجنس. فهذا يريد خويا، وآخر يريد من يرعى حلاله، وثالث يريد لاعبين في الفرق الرياضية المختلفة، ورابع وخامس.. من دون ضابط أو رابط. أقول عندما وصل الأمر إلى هذه الحالة: أراد المشرع أن يوجد خط رجعة!! فتفتق ذهن أحدهم -لا أدري من هو- عن تلك العبارة التي تجعل الجنسية مرهونة بيد من يمنحها، هكذا يُظن، فيستطيع أن يلغيها متى شاء!!

والحق أن الأمر ليس بهذه السهولة التي تُظن، فإلغاء الجنسية أو سحبها في ظل ظروف إقليمية ودولية ومنظمات حقوق إنسان تنشط على مستوى العالم وفي أروقة الأمم المتحدة ومنظماتها التي تتابع وتراقب انتهاكات حقوق الإنسان لا بد أن تسبب صداعاً على الأقل لمن يَظن أنه يملك أن يلغيها ساعة يشاء!! فهل هناك من ينشد الصداع؟!

لذلك نقول: إنه يجب الالتزام بالقانون الذي حدد شروط الحصول على الجنسية في مادته الثانية فقال: «يجوز بقرار أميري منح الجنسية القطرية لغير القطري إذا توفرت فيه الشروط التالية:

1 – أن يكون قد جعل، بطريق مشروع، إقامته العادية في قطر لمدة لا تقل عن خمس وعشرين سنة متتالية سابقة على تاريخ تقديم طلب الحصول على الجنسية. ولا يخل بالتتالي الزمني خروج طالب الجنسية من قطر لمدة لا تزيد على شهرين في السنة مع احتفاظه بنية العودة. وفي جميع الأحوال تستنزل هذه المدة من حساب مدة إقامته في قطر. وإذا غادر طالب الجنسية قطر بعد تقديمه طلب الحصول على الجنسية لمدة تزيد على ستة أشهر، جاز لوزير الداخلية أن يعتبر مدة إقامته السابقة في قطر كأن لم تكن.

2 – أن يكون له وسيلة مشروعة للرزق تكفي لسد حاجته.

3 – أن يكون محمود السيرة، حسن السمعة، ولم يسبق إدانته بحكم نهائي في قطر أو في الخارج في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة.

4 – أن يكون ملماً باللغة العربية إلماماً كافياً».

بناء على هذه الشروط لا تصبح الجنسية مجرد كلمة في وثيقة، كما يظن من يمنحها دون التزام القانون، بل انتماء إلى وطن، عاش فيه المرء أكثر من ربع قرن، وتفاعل مع أهله وناسه، وتشرب عاداتهم وقيمهم، وربطته وإياهم عرى قوية تقوم على المحبة والمودة والحنين، فقرر أن يتقدم للحصول على الجنسية القطرية ويتخلى عن جنسيته السابقة، ليصبح مواطناً عليه ما عليهم وله ما لهم.

وكذلك يجب الالتزام بالقانون الذي حدد في مادته السابعة عشرة، عدد من تمنح لهم الجنسية بالقول: «لا تمنح الجنسية القطرية طبقاً لأحكام المواد (2)،(3)، (4)، (5)، (6) من هذا القانون لعدد يزيد على خمسين شخصاً في السنة الواحدة». وإذا وجد المشرع أن هناك حاجة وقدرة على تجنيس أكثر من خمسين فلتُغير المادة، لكن لا تنتهك!

صحيح أن القانون قد أجاز في مادته السادسة أن يستثنى من أحكام المادتين الثانية والثامنة عشرة (ازدواج الجنسية) من (يمتاز بكفاءة خاصة تحتاج إليها الدولة، أو الطلاب النابغين ذوي القدرات العلمية الواعدة..) لكن هذه مادة استثنائية، فلا ينبغي أن تكون قاعدة!! وغيرها الاستثناء.

وعلى هذا الأساس لا يكون منح الجنسية بمخالفة القانون هو الطريق لمن يريد....


 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق