الجمعة، 27 يونيو 2014

لماذا فشل الاخوان ؟


لماذا فشل الأخوان ؟
 
محمد الخليفي
 

                  في ظل الاستنفار المستمر لأكثر من ثلاثة شهور لـ (عودة الشرعية ومقاومة الإنقلاب) يكاد أن يغيب السؤال (لماذا فشلنا ( الأخوان)؟) عن قراءة ما جرى ويجري في مصر. فبعد تصدر الأخوان للمشهد السياسي، ثم حصولهم على 47% من مقاعد البرلمان، وفوزهم برئاسة الجمهورية، أصبحوا ليس فقط خارج السلطة، بل وفي السجون وفي موقع المعارضة المطاردة ! فهل هناك فشل أشد من هذا؟!

                  وبدل أن ينشغل الأخوان بمراجعة حقيقية للأسباب التي آلت بهم إلى هذا الحال، نجدهم منشغلين بمظاهرات واعتصامات أزهقت فيها أرواح كثيرة، بدأت قبل 3 يوليو ومازالت مستمرة ودون جدوى !!


                  وبدل البحث الجاد في سلوكهم السياسي نجدهم يبحثون عن تفسير الفشل بالقول إن "الثورة في مصر .. لم تكتمل.." وبأن الأخوان وجدوا "أنفسهم في مأزق تصدر المشهد دون القدرة الحقيقية على التغيير..."، وبأنهم قد حاولوا "تنفيذ برنامجهم من خلال مؤسسات عملت على إفشالهم وإسقاطهم"، أو أنهم"دفعوا ثمنا غاليا لسلوكهم الحضاري في بيئة تستدعي إجراءات ثورية." وهي أقوال تستدعي أسئلة أكثر من كونها تقدم إجابات. فلماذا لم يكمل الأخوان الثورة؟! ولماذا سمحوا للعسكر بالحيلولة دون استكمالها؟ ( الآن الأخوان يقيمون الدنيا ويدفعون أنصارهم إلى الموت لأن عسكر آخرين أسقطوهم) . 

                  ليس ذلك هو الذي أفشل الأخوان مع صحته . بل الذي قادهم إلى الفشل كامن فيهم . ويمكنني أن أقرر ابتداءً -دون استغراق في تفاصيل كثيرة معروفة- أن الخطأ القاتل الذي قاد الأخوان إلى هذا الفشل هو ظنهم أنهم سيؤسسون دولة الإسلام، وحكم الإسلام. أو أنهم على أقل تقدير سيعيدون تجديد دولة الإسلام ونظام حكمه . وغاب عنهم أن الإسلام قد أُسست دولته منذ أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة . ومنذ ذلك الحين والمسلمون يحكمون ويشيدون دولاً وإمبراطوريات وأحزاباً وتنظيمات مختلفة الأشكال والألوان .

                  لقد ظن الأخوان، وهم يتصدرون المشهد السياسي، أن الدولة والمجتمع قد أصبحا في قبضة يدهم ! وأن هذه فرصتهم التي لا يجب أن تُفَوت ! وقد حان الوقت لينتقل القول ( الإسلام هو الحل ) من شعار إلى واقع !!

                  وما يعزز تفسيرنا هذا هو أنهم لم يأبهوا بالقوى التي شاركوها في الثورة، ولم يحرصوا على استقطابها لقيادة تحول ديموقراطي على قواعد صلبة وأسس راسخة. يكفينا مثالاً نكثهم لاتفاق(فيرمونت) ، فهو من أبلغ الأمثلة على أنهم لا يسعون إلى شراكة حقيقية مع جميع القوى التي ساهمت في الثورة، بقدر ما يوظفون كل ما من شأنه أن يمكنهم من دولتهم الحلم !!   

                  ولأهمية هذا الإتفاق فإني أقدم نصه فيما يلي: "اجتمع اليوم مجموعة من الرموز والشخصيات الوطنية والشبابية مع الدكتور محمد مرسى، وذلك للحديث حول الأزمة الراهنة فى ضوء الخطوات التى قام بها المجلس العسكرى بدءا من تمرير قرار الضبطية القضائية وتشكيل مجلس الدفاع الوطنى إلى حل مجلس الشعب وإصدار إعلان دستورى ينتزع من الرئيس سلطاته وصلاحياته، وأخيرا تأخير نتائج الانتخابات الرئاسية بما يثير الشكوك حول جدية تسليم السلطة فى مصر بشكل ديمقراطى.

وقد أعرب الجميع فى الاجتماع عن رفضهم لأى تزوير لإرادة الشعب فى اختيار رئيسه وعن رفضهم لممارسات المجلس العسكرى الأخيرة وما يجرى حاليا من تضليل للرأى العام عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. وقد اتفق الحاضرون على ما يلى:

أولا: التأكيد على الشراكة الوطنية والمشروع الوطنى الجامع الذى يعبر عن أهداف الثورة وعن جميع أطياف ومكونات المجتمع المصرى، ويمثل فيها المرأة والأقباط والشباب.

ثانيا: أن يضم الفريق الرئاسى وحكومة الإنقاذ الوطنى جميع التيارات الوطنية، ويكون رئيس هذه الحكومة شخصية وطنية مستقلة.

ثالثا: تكوين فريق إدارة أزمة يشمل رموز وطنية للتعامل مع الوضع الحالى وضمان استكمال إجراءات تسليم السلطة للرئيس المنتخب وفريقه الرئاسى وحكومته بشكل كامل.

 رابعا: رفض الإعلان الدستورى المكمل والذى يؤسس لدولة عسكرية، ويسلب الرئيس صلاحياته ويستحوذ السلطة التشريعية، ورفض القرار الذى اتخذه المجلس العسكرى بحل البرلمان الممثل للإرادة الشعبية، وكذلك رفض قرار تشكيل مجلس الدفاع الوطنى.

 خامسا: السعى لتحقيق التوازن فى تشكيل الجمعية التأسيسية بما يضمن صياغة مشروع دستور لكل المصريين.

 سادسا: الشفافية والوضوح مع الشعب فى كل ما يستجد من متغيرات تشهدها الساحة السياسية.

 ونؤكد بوضوح استمرار الضغط الشعبى السلمى فى كل أرجاء الجمهورية حتى تتحقق مطالب الثورة المصرية ومطالب جميع المصريين.

 هذا ويهيب الجميع بالرموز الوطنية ومختلف أطياف الشعب المصرى بالاصطفاف معا حماية لشرعية اختيار الشعب لرئيسه وتحقيقا لأهداف ثورته فى بناء دولة مدنية بما تعنيه من دولة ديمقراطية دستورية حديثة تقوم على العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق والحريات والمواطنة الكاملة بما يتفق ووثيقة الأزهر الشريف."

                  خلاصة القول هي أن مراجعة جادة وصادقة للأسباب الداخلية الكامنة في الجماعة فكراً وتنظيماً هي القادرة ليس فقط على تفسير الفشل، بل والمساهمة مع شركاء الوطن في "بناء دولة مدنية ديمقراطية." أما عدا ذلك فلن يقود إلا إلى الخراب . فهل يبحث الأخوان عن الخراب !!

 

                 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق