السبت، 28 يونيو 2014

خطاب الأمير نظرة إلى المستقبل


خطاب الأمير نظرة إلى المستقبل

  محمد هلال الخليفي     


​لقد استقبل المواطنون خطاب الأمير في افتتاح مجلس الشورى استقبالاً يعبر عن تقدير عميق لما تضمنه من معان تنشد مصلحة الوطن والمواطن، ويتطلع في ذات الآن إلى ترجمة تلك الأفكار إلى واقع حي يعيشونه . وهو تقدير لا يختلف عن ذلك الذي استقبلوا به خطابه الأول .

​مبعث ذلك مالمسوه من المكانة المحورية التي يحتلها المواطن في الخطاب. فالغاية المنشودة هي تحقيق "مصلحة قطر والشعب القطري". وذات المعنى يتكرر في القول: إن هدف التنمية هي " بناء الوطن والمواطن "، وفي القول: "يظل المواطن القطري محور اهتمامنا."


​والمواطن الذي يريده الأمير هو المواطن المنتج الذي يجد"معنىً لحياته في خدمة وطنه ومجتمعه." وهذا لن يتأتى إلا "من خلال توفير أفضل مستويات التعليم التي تضمن له الرقي والتقدم. والاهتمام بصحته البدنية والنفسية، وتحافظ في الوقت نفسه على هويته ولغته العربية كمركب رئيس في هويتنا وثقافتنا."

​وإذا كانت التنمية لا تقوم –كما عبر الأمير بحق - إلا بواسطة المواطن المنتج، فإنها أيضاً تتطلب "بناء المؤسسات التي تقوم على الإدارة العقلانية للموارد، والمعايير المهنية، ومقاييس الإنتاجية والنجاعة، وخدمة الصالح العام."

​فالمسألة ليست في "المستوى المعيشي المرتفع الذي يمكننا أن نوفره"، نتيجة الطفرة في اسعار النفط والغاز ، بل المسألة هي في استمرار توفير عيش كريم دائم للمواطنين، وهذا يقتضي منا "أن نتعامل مع ثرواتنا واقتصادنا بمسؤولية." هكذا يؤكد الأمير.

​لذلك يضع الأمير عدداً من التحديات ينبغي مواجهتها، ويبدو أهمها في " تحدي تنويع مصادر الدخل". وهذا يفرض تحدياً آخر هو تحدي " الاستثمار الواثق لصالح الأجيال القادمة." ويسبق ذلك التحدي الأهم وهو "تحدي التنمية..تنمية الإنسان."

​وقبل كل ذلك يضع الأمير الأساس الذي يقوم عليه الحكم الرشيد، في كلمات جامعة هي التي يتميز بها حكم رشيد عن غيره من أنواع الحكم، في مبادئ ثلاث "العدل" و"الصدق" و"القدوة الحسنة" .

​وإذا كان الأمير قد حدد الأسس والغايات والتحديات والمعالم التي ستحكم مستقبل الوطن، فقد بقي أن نترجم تلك الآمال والتطلعات والأهداف إلى استراتيجيات وبرامج وسياسات .

​وإنطلاقاً من قول الصدق الذي لا نملك غيره فإننا نطرح باختصار شديد مجموعة من المسائل نرى أنها الأولى بالاهتمام والإصلاح، وبدونها لا يقوم وطن ولا يعز مواطن.

​أولى هذه المسائل هي "الخلل السكاني" الذي حول المواطنين إلى أقلية صغيرة لا تتجاوز 10% . وهو خلل مستمر، ويتفاقم سنة تلو أخرى، وهو خلل مكلف من جميع النواحي، ولا يعبر في ذات الآن عن حاجة حقيقية.

​ويرتبط بما تقدم خلل آخر هو "خلل التجنيس" . فالتجنيس عندنا، إضافة إلى كونه لا يخدم حاجات حقيقية، فإنه لا يلتزم بالقانون الذي ينظمه.

​ثاني هذه المسائل هي "هدر المال العام" . وهو يتناقض مع إدارة المال العام بعقلانية ورشد، التي تفرض علينا- كما عبر الأمير بحق- " أن نتعامل مع ثرواتنا واقتصادنا بمسؤولية.. .. وعدم الإنزلاق إلى التبذير غير المسؤول." وهذا يتطلب أعادة النظر في طريقة وحجم الصرف، خصوصاً في حقلي الرياضة والثقافة( المتاحف) .

​وإدارة المال العام بعقلانية ورشد تقتضي أيضاً الشفافية في الموارد والمصروفات العامة، ليس فقط لأنها تردع محاولات الفساد، بل لأنها أحد الشروط الضرورية لمساهمة فاعلة من قبل المواطنين. نقرر ذلك على أساس أن المعرفة هي الشرط الأول لكل عمل رشيد .

الأمر الثالث هو "الانفراد في اتخاذ القرار العام" . والقرار العام بطبيعته يتناقض مع الانفراد به ، باعتباره تعبيراً عن القرارات الفردية. وهذه لا يعرفها إلا أصحابها . ولقد توصلت المجتمعات إلى نظام يتم بواسطته معرفة القرارات الفردية في أي مسألة عامة، هو (النظام الديمقراطي) بما يتضمنه من انتخابات دورية وحرية تعبير وصحافة حرة وحرية تنظيم واجتماع وتظاهر، وغير ذلك من وسائل تضمن أن يكون الشعب هو مصدر السلطة.

هذه مسائل ثلاث أولية تضمن أن تكون مسيرتنا خدمة لـ "مصلحة قطر والشعب القطري". وأن تكون عملية التنمية من أجل " بناء الوطن والمواطن ".

 

22 نوفمبر  2013


 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق