الخميس، 26 يونيو 2014

ها أنتم هؤلاء تدعون


ها أنتم هؤلاء تدعون
2011-11-23

محمد الخليفي
 إن من يتابع بعقلانية موقف الدول العربية مما يجري في سوريا لا بد أن تثار في ذهنه علامات تعجب كبيرة بعدد الحكام العرب الذين يحكمون الوطن الممتد من أقصى المحيط إلى أقصى الخليج. ذلك أن المحصلة النهائية التي يطرحها الحكام العرب على سوريا هي «الاستجابة لتطلعات الشعب السوري في التغييرات والإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنشودة»، كما عبر الأمين العام للجامعة العربية. أي: «دولة ديمقراطية مدنية تعددية، نظامها جمهوري برلماني السيادة فيه للشعب ويقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات وتداول السلطة وسيادة القانون وحماية الأقليات وضمان حقوقهم» كما جاء في بيان المجلس الوطني.
لذلك فإن المواطن العادي مثلي -الذي يتابع ما يجري على الساحة العربية من مؤتمرات واجتماعات ووفود تغدو وتعود ومؤتمرات صحافية ورسائل وتصريحات وتحذيرات وتهديدات وغير ذلك مما تبثه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة- لا بد أن يصرخ بملء فيه: أكلكم يدعو إلى الديمقراطية إن هذا لشيء عُجاب! وإن تَعْجَب فعَجبٌ قوله: لو كنت مكانه لتنحيت!
ورغم هذا الشيء العجيب، فإن المواطن العادي مثلي الذي لا يملك إلا أن يحلم! فقد حلمت نيابة عنه أنّي أمين عام للجامعة العربية! وقفت متحدثاً أمام حكامنا العرب بألقابهم المختلفة التي لا تغير من طبيعة حكمهم، وقفت أقول: أصحاب الجلالة والسمو والفخامة, ها هو عام يكاد أن ينقضي منذ أن انتفض الشعب العربي في تونس وخلع رئيسه ونظام حكمه، وهو الآن يسعى لأن يؤسس لنظام ديمقراطي تستمد السلطة فيه من الشعب، وتتداول عبر صناديق الانتخابات الشفافة.
وقد عشتم وأبصرتم خلال هذا العام الذي سينقضي حراكاً شعبياً في عدد من أقطاركم, وما زلتم تشاهدون حراكاً شعبياً في اليمن وفي سوريا. وها أنتم تجتمعون وتجتمعون وتجتمعون وتصرحون وتعلقون وتحذرون وتنذرون وتتحالفون وتضغطون إلى آخر ما يشاهده المواطن العادي وما لا يشاهده! وتسعون إلى أن يستجيب لكم أخوكم القابع في دمشق بأن يلبي مطالب شعبه في إقامة نظام ديمقراطي تعددي، تتداول فيه السلطة عبر صناديق الانتخابات، ويكون الشعب مصدر كل سلطة.
وإذ كنت لا أشك في أنكم ترغبون صادقين في تجنيب سوريا ومنطقتنا العربية «زلزالا يحرق المنطقة بأسرها»، أو «عاصفة كبيرة» لا نعرف تبعاتها، وأنكم تسعون بكل ما أوتيتم من عزم وقوة أن يكون الحل عربياً خالصاً لا تلوثه نقطة حل أجنبية إلا أنني أشاهد كما تشاهدون كيف تدفع الأمور إلى التدخل الأجنبي الذي لا يمكن أن يكون لوجه الله ولا لصالح شعوبنا العربية، ولست في حاجة أن أسرد عليكم تاريخاً تعرفونه، ولا أعدد وقائع حاضر تشاهدونه. بل إنني أنتهز هذه الفرصة لأقول لكم إن الحل بأيديكم, فليكن عملكم تاريخيا, ليسجل التاريخ أن الحكام العرب قد عقدوا العزم على أن يقودوا التحول إلى نظام ديمقراطي يكون الشعب مصدر السلطات فيه.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة، ها أنتم هؤلاء تدعون لتبدؤوا عميلة التحول الديمقراطية بإرادة حرة تمكن الشعب من إدارة مصالحة عبر توافق وطني يضمن سلامة الوطن والمواطن وعبر انتخابات حرة ونزيهة تضمن تداول السلطة، ولتحولوا بيننا وبين أي تدخل أجنبي لم ولن يحمل أي خير! اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق