السبت، 28 يونيو 2014

"الإسلام" والسياسة


"الإسلام" والسياسة

       محمد بن هلال الخليفي

المشكلة التي تواجه الإصلاح السياسي في أقطارنا العربية بالانتقال من نظم الاستبداد إلى نظم ديموقراطية هي أن من يرفع شعار الإسلام في الحقل السياسي يقول عن رأيه أنه منطلق من القرآن الكريم ومن سنة المصطفى محمد عليه أفضل السلام وإجماع العلماء.

       والحق أن استغلال الإسلام في السياسة قد بدأ من مرحلة مبكرة في تاريخنا الممتد قروناً طويلة. فمنذ رفع المصاحف في جيش معاوية في معركة صفين، وربما قبل ذلك، إلى قول جماعة - (الخوارج فيما بعد) - في جيش الإمام علي "لا حكم إلا لله" ، مروراً بكل الروايات التي ترفض الخروج على الإمام ، وصولاً إلى تشبيه المشاركة في الانتخابات بـ "الغزوة" وما تستحضره من إيحاءات إسلامية! وانتهاء إلى تحريم المشاركة في انتخابات حولها اختلاف ! أقول منذ ذلك الوقت ونحن نراوح ذات المكان الاستبدادي، نجتر الخلاف، الذي تحول إلى اقتتال ودمار، دون أن نصل إلى قاعدة عامة كغيرنا من شعوب المعمورة ندير على أساسها اختلافاتنا المشروعة دون أن نسفك قطرة دم واحدة، أو/و دون أن نتهم بالكفر .  

 

       وهو ذاته الذي جاء في ما كتبه الشيخ القرضاوي بالأمس(الأحد 1 يونيو 2014) في صحيفة الشرق القطرية، يرد– كما يبدو في الظاهر- على مقال كتبه الأستاذ فهمي هويدي، وعنونه  :" أهل دين أم هواة سياسة " ( الأربعاء 28 مايو 2014 ) . ومع أن مقال الأستاذ في معظمه ينتقد الذين استخدموا الدين لدعم السلطة القائمة الآن في مصر ، إلا أن الشيخ القرضاوي لم يعجبه رفْضْ الأستاذ هويدي لاستخدام مفاهيم الحلال والحرام في الدعوة للمشاركة أو المقاطعة للانتخابات المصرية! لأننا لسنا"بصدد اجتهاد سياسى لا يخضع بالضرورة لمعايير الحل والحرمة ". بل بصدد عمل منكر، فالمشاركة  "في مثل هذه الانتخابات هي نوع من المشاركة في الظلم" لا يجوز أن يسكت عليها مسلم يخاف ربه.

       لقد أخطأ الأستاذ فهمي في رأي الشيخإذ يسوي" بين الذين اتخذوا الدين بضاعة، يبيعونها لمن يدفع لهم أكثر، ولو بمجرد الوعود الكاذبة"، "بين العلماء والجاهلين، وبين الطيبين والخبيثين، وبين أصحاب الحق وأتباع الهوى، واعتبر كلا من الفريقين يقول من رأسه ما يشتهي". هكذا يقول الشيخ.

       ويختم الشيخ رده بالقول :"والله الذي لا إله إلا هو ما انطلقنا في هذه المعركة من أول ما بدأت إلا من كتاب ربنا، وسنة نبينا، ومن منهج أئمتنا، ومن إجماع علمائنا، ومن تراث أمتنا....نحن نعوذ بالله، أن ندعو الأمة إلى مجرد أفكار بشرية، مأخوذة من رؤوسنا، أو وحي تجاربنا!"

       والسؤال : من هذا الذي يرفع شعار الإسلام فوق رأسه ولا يقول ما يقوله الشيخ من أنه لا ينطلق إلا من كتاب ربه وسنة نبيه؟الكل يقول ، وكل في واد!

       وإذا لم تكن "السياسة" مجرد أفكاراً بشرية تعبر عن مصالح ووجهات نظر ، مأخوذة من الرؤوس ومن وحي التجربة، فعلى أي أساس يطمئن المواطن العادي في بناء رأيه ومن حوله أحزاب شتى كل يقول له : نحن الإسلام الحق ! 

       كذلك عندما يكون الدين قابلاً لأن يكون بضاعة! ورائجة فإننا لا نستطيع أن نخرج أحداً من السوق !

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق