الخميس، 26 يونيو 2014

التأزيم بدل الحل


التأزيم بدل الحل

2012-02-22

 

محمد الخليفي

 في البيان الختامي الذي صدر عن مجلس «جامعة الدول العربية» في دورته غير العادية في القاهرة (12/2/2012) تم التأكيد فيه على حرص المجلس «على مواصلة الجهود العربية من أجل إيجاد حل سلمي يخرج سوريا من أزمتها الطاحنة، ويحقق للشعب السوري ما يطمح إليه من إصلاح وتغيير وانتقال سلمي إلى حياة ديمقراطية سليمة، ويحفظ لسوريا وحدتها واستقرارها وسلامة ترابها الوطني، ويجنبها أي تدخل عسكري».


والمتابع مثلي لما يجري في هذا الجزء من وطننا الكبير لا بد أن يتساءل: كيف يمكن تحقيق إصلاح وتغيير وانتقال ديمقراطي سلمي..؟

الانتقال السلمي عملية توافقية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال توافق أطراف الصراع على ذلك. وهذا لن يتحقق إلا بكف طرفي الصراع عن النفي المتبادل. وعندما يتحقق ذلك يصبح الطريق إلى التوافق على الانتقال السلمي ميسوراً.

والتوافق على الانتقال الديمقراطي السلمي عملية تفاوضية تقتضي حواراً بين طرفي الصراع حول موضوع الصراع. وكأي عملية تفاوضية يسعى كل طرف إلى تحقيق أقصى ما يمكنه من مكاسب. إلا أنه سعي لا يخلو من تنازلات. إن التفاوض بدون قبول للتنازل لا يمكن أن يكون إلا إذا كان أحد الأطراف قادراً على حسم الصراع لمصلحته. ويكشف استمرار الصراع عن أن لا أحد يملك القدرة على حسمه في الأمد المنظور على الأقل، لذلك أصبح الحل السلمي هو الطريق المناسب للوصول إلى تحقيق موضوع الصراع.

وسوف أفترض أن مجلس الجامعة العربية ليس طرفاً في الصراع، وإنما يقوم بدور الوسيط المساعد على تحقيق موضوع الصراع بالوسائل السلمية، كما جاء في بيانه. فهل ما يقوم به مجلس الجامعة العربية ينسجم مع ما جاء في مقدمة بيانه من «إيجاد حل سلمي يخرج سوريا من أزمتها الطاحنة، ويحقق للشعب السوري ما يطمح إليه من إصلاح وتغيير وانتقال سلمي إلى حياة ديمقراطية سليمة، ويحفظ لسوريا وحدتها واستقرارها وسلامة ترابها الوطني، ويجنبها أي تدخل عسكري»؟

الواقع يقول إن مجلس الجامعة العربية يقوم بإجراءات وخطوات تتناقض مع ذلك، فهو أولاً لا يكف عن التلويح بالتدخل العسكري، وهذا سلوك لا يمكن وصفه بالسعي للحل السلمي، إضافة إلى ذلك أكد البيان الختامي ذاته على «وقف جميع أشكال التعاون الدبلوماسي مع ممثلي النظام السوري في الدول والهيئات والمؤتمرات الدولية» و«التأكيد على سريان إجراءات المقاطعة الاقتصادية، ووقف التعاملات التجارية مع النظام السوري». علاوة على ذلك، تم سحب سفراء، وطرد سفراء، وغير ذلك كثير مما ينشر ومما لا ينشر!!

فهل تساعد مثل هذه الإجراءات على الحل السلمي؟ لأفترض جدلاً أن هذه الإجراءات هي أدوات ضغط قصد بها دفع النظام السوري لقبول الانتقال الديمقراطي السلمي!! ألا يقتضي الانتقال السلمي أن نضغط على الطرف الآخر (المعارضة) لدفعها إلى قبول التفاوض والحوار؟! فأين هو الضغط على قوى (المعارضة) لدفعها إلى قبول ذلك؟!

لنفترض فرضاً آخر، لنفترض أن مجلس الجامعة العربية طرف في الصراع، وهو يقف مع الشعب العربي السوري في سعيه لـ «إقامة نظام سياسي ديمقراطي تعددي يتساوى فيه المواطنون بغض النظر عن انتماءاتهم وطوائفهم ومذاهبهم، ويتم تداول السلطة فيه بشكل سلمي»، كما جاء في المبادرة العربية. فهل ما تقوم به الجامعة لتحقيق هذا الهدف يتم عبر حل سلمي؟ أليس ما يقوم به مجلس الجامعة العربية من تصعيد يصب في تأزيم الصراع؟ أليس ما يقوم به من سعي حثيث نحو التدويل عمل لا يساهم في الحل السلمي؟ ألا تسير الأمور نحو الحل العسكري؟

لقد جاء في أخبار اليوم «العرب 15/2/2012»: «أكد مسؤولون عرب أن حكومات المنطقة ستكون مستعدة لتسليح المعارضة إذا لم يتوقف العنف، وقال دبلوماسيون في الجامعة العربية إن تسليح قوات المعارضة بات أحد الخيارات المتاحة رسمياً حالياً. ودعا قرار صدر خلال اجتماع للجامعة العربية في القاهرة يوم الأحد العرب إلى تقديم كافة أشكال الدعم السياسي والمادي للمعارضة.. وأكد الدبلوماسيون لـ «رويترز» أن هذا يسمح بتسليم أسلحة للمعارضة. وقال دبلوماسي عربي: نحن سوف ندعم المعارضة مالياً ودبلوماسياً في البداية، لكن إذا استمرت عمليات القتل من جانب النظام فلا بد من مساعدة المدنيين لحماية أنفسهم. فالبيان يعطي الدول العربية كل الخيارات لحماية الشعب السوري».

فهل تسليح المعارضة ينسجم مع الحل السلمي الذي ترفعه الجامعة؟!!


 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق