الجمعة، 27 يونيو 2014

الى متى تظل الجزرة والعصا هي أداة السيطرة ؟


إلى متى تظل الجزرة والعصا هي أداة السيطرة؟

 محمد هلال الخليفي

 16 نوفمبر 2011

 

لقد كانت السيطرة على المعاش والتحكم فيه ومازالت - إضافة إلى العصا في بعض الأحيان – هي الأداة التي أحكمت بها نظم الحكم في دول الخليج العربي قبضتها على القرار العام . ولن نلجأ إلى التاريخ نستمد منه الأدلة على ما نزعم ، بل تكفينا الأحداث الجارية نقدمها دليلاً على ما نقول . فبعد أن انتقلت رياح الثورة من تونس ومصر إلى منطقتنا في البحرين وعمان تحديداً . فإن إحدى الاستجابات للرد على هذه الاحتجاجات الشعبية كانت التلويح بالعصا والضرب بها كما بدى بصور متفاوتة في البحرين وأبوظبي والسعودية ، ومد الجزرة كما يتضح من حجم التخصيصات المالية التي قدمت في جميع دول مجلس التعاون.
 


 

فقد قامت دول المجلس بإقرار 20 مليار دولار لعمان والبحرين مناصفة في مارس 2011 لتخفيف التوترات الاجتماعية التي تهدد الاستقرار في البلدين . وفي عمان اعتمد سلطان عُمان قابوس بن سعيد خطة إنفاق بقيمة 2.6 مليار دولار ستخصص في إحداث وظائف جديدة ، ومنح علاوة لغلاء المعيشة، ومنح مرتبات شهرية للباحثين عن العمل. فضلا عن زيادة معاشات الضمان الاجتماعي، وزيادة معاشات متقاعدي القطاع العام. وفي السعودية بلغت المخصصات المالية التي أعلن عنها الملك عبد الله بن عبد العزيز نحو 35 مليار دولار . كما أقرت البحرين إنفاقا إضافيا في الميزانية العمومية قدره 388.5 مليون دينار بحريني (1.03 مليار دولار) على مدى عامي 2011 و2012، وذلك لتغطية الزيادة في أجور موظفي القطاع العام . وفي قطر صدر القرار الأميري رقم ( 50 ) لسنة 2011 الذي أقر مجموعة من الزيادات في رواتب العاملين في القطاع العام المدني والعسكري تراوحت من 50% إلى 120%.

 

وكما استخدمت الجزرة في ضبط الاحتجاجات وامتصاص الرغبة فيها ، استخدمت العصا في حالات ولوح بها في حالات أخرى كما حدث في البحرين وأبوظبي والمملكة العربية السعودية ، وتفاصيل ذلك معروفة.

 

والسؤال: إلى متى سيظل القرار العام مستبداً به من قبل قلة من الأفراد تعتمد في ذلك على سيطرتها على موارد المجتمع ومن ثم التلويح بالعصا والجزرة ؟

 

والجواب الذي نراه هو أنه على الرغم من قناعتنا بأن الاستبداد كغيره من ظواهر الاجتماع الانساني يخضع في ظهوره وبقائه واندثاره إلى قوانين عامة ، إلا إنه نظراً لتعقده كظاهرة إنسانية تتداخل فيها العديد من العوامل الشخصية والاقتصادية والثقافية وغيرها ، فإن درجة تأثير هذه العوامل تتغير من زمان إلى آخر بحسب الظروف التي تحيط بها على المستوى المحلي والاقليمي والدولي . وإذا كنا على قناعة بصدق التعميم الذي يقول ( الحكم الذي يشتري شرعيته من خلال السلع والخدمات ليس في حاجة إلى شرعية ديمقراطية ) ، إلا إننا على قناعة أيضاً بأن ( السلع والخدمات ) ليست هي العامل الوحيد الذي يتحكم في سلوك الإنسان. وكما أن له حاجات مادية يموت بدونها ، له حاجات معنوية يموت دونها ! كذلك أيضاً فإننا على قناعة تامة بأن الإنسان كائن حر قادر على التصرف بعقلانية.

 

وعلى هذا الأساس فإننا ننظر إلى الصلاحيات التي منحت لمجلس الشورى العماني، وإلى الإعلان عن انتخابات لمجلس الشورى القطري، وإلى التململ السياسي في السعودية والإمارات، ليس على انهما استثناءً من القاعدة، بل على أنه لا (الجزرة) قادرة ولا (العصا) على إدامة الاستبداد. وكما يكشف المشهد السياسي العربي عن أن دوام الحال من المحال، فإنه يكشف أيضا عن عوامل آخرى قادرة على تحريك الناس ودفعهم إلى كسر القيد.

 

والعاقل من أتعض بتجارب غيره ، لذا فإن الخير كل الخير لحكام وشعوب دولنا هو أن تتم عملية الانتقال إلى نظام ديمقراطي من خلال عملية تغيير إرادي دون الحاجة إلى إراقة دماء!!


 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق